بعد أزيد من نصف قرن من الإهمال والنسيان، شرعت مؤسسة “ذاكرات من أجل المستقبل” في تأهيل وتثمين دير تومليلين الكائن بالمنتزه الوطني لإفران، وذلك بغية جعله فضاء استقبال وترفيه طبيعي ونقل ذاكرته إلى أجيال المستقبل.

يأتي هذا في أعقاب توقيع اتفاقية شراكة بين قطاع المياه والغابات والمؤسسة المذكورة، شهر أبريل الماضي، تهدف، وفق ما أعلنه قطاع المياه والغابات، إلى الحفاظ على هذا التراث التاريخي الاستثنائي، وتثمين السياحة البيئية عبر وضع برنامج طموح لإعادة تأهيل البنية التحتية وتجهيز الدير والمسارات السياحية المحيطة به.

ويعود تاريخ تأسيس دير تومليلين إلى سنة 1952، وقد واصل بعد الاستقلال مزاولة أنشطته قبل إغلاقه نهائيا سنة 1968، حيث تميز، خلال العقد الممتد من سنة 1956 إلى سنة 1966، باحتضانه فعاليات “الملتقى الدولي لتومليلين” التي كانت تتميز بمشاركة عدة شخصيات من مختلف القارات ومن جميع الأديان.

أحمد السرغيني، أستاذ التعليم العالي ورئيس جمعية آباء وأمهات وأولياء تلاميذ ثانوية طارق بن زياد بمدينة أزرو، قال إن ما يميز مبادرة تأهيل وتثمين دير تومليلين إشراك الفاعلين المحليين في طرح أفكارهم حول المشروع، مبرزا أن الدير القديم سيفتح من جديد الباب أمام تلاميذ أزرو للاستفادة من الأنشطة الترفيهية المختلفة.

يأتي هذا في أعقاب توقيع اتفاقية شراكة بين قطاع المياه والغابات والمؤسسة المذكورة، شهر أبريل الماضي، تهدف، وفق ما أعلنه قطاع المياه والغابات، إلى الحفاظ على هذا التراث التاريخي الاستثنائي، وتثمين السياحة البيئية عبر وضع برنامج طموح لإعادة تأهيل البنية التحتية وتجهيز الدير والمسارات السياحية المحيطة به.

وأوضح السرغيني، في تصريح لهسبريس، أن لمياء الراضي، رئيسة مؤسسة “ذاكرات من أجل المستقبل”، تمكنت من تعبئة عدد من الشركاء من أجل إنجاح هذا المشروع، ضمنهم مصالح المياه والغابات وبرنامج تحدي الألفية الأمريكي، مبرزا أن “عملية التأهيل والترميم ستساهم من جديد في إحياء اللقاءات الدولية للتسامح والحوار التي كان يحتضنها الدير”.

وأكد الفاعل الجمعوي ذاته أن مؤسسة “ذاكرات من أجل المستقبل” أبانت عن “مستوى عال من الانفتاح على المحيط والتدبير التشاركي لهذا المشروع وتقبل مقترحات الفعاليات المحلية”، مبرزا أن “تنظيم معارض لمنتجات الصناعة التقليدية بفضاء الدير سيفيد، أيضا، الحرفيين المحليين”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “ثانوية طارق بن زياد كانت تشكل شريكا أساسيا للدير عند تأسيسه”، مبرزا أن “تلاميذ المؤسسة كانوا يتلقون داخله دروس الدعم، كما أن المعوزين منهم كانوا يتخذونه مأوى لهم ويستفيدون داخله من التطبيب والخدمات الاجتماعية المختلفة”.

وتابع السرغيني، الذي قال إن عملية تأهيل الدير انطلقت بشكل فعلي منتصف ماي الجاري بتدشين المسار الذاكرتي للموقع، بأن “ثانوية طارق بن زياد كانت تجمعها علاقة وطيدة بدير تومليلين”، مشيرا إلى أن الرهبان الذين كانوا يعيشون داخل هذا الأخير “تركوا انطباعا طيبا لدى ساكنة المنطقة التي عايشتهم عن قرب”.

كما شدد السرغيني على أن مشروع تثمين دير تومليلين “سيعزز المقومات السياحية للمنطقة عبر تنظيم الأنشطة الترفيهية المختلفة، خصوصا أن الدير يقع في مجال غابوي ينتمي إلى المنتزه الوطني لإفران ووسط شبكة من المخيمات الصيفية”.

ووفق المتحدث ذاته مازال الحنين يشد ساكنة أزرو للذكريات الجميلة التي طبعت علاقتها مع دير تومليلين ورهبانه، موردا أن “لقاءاته ومناظراته الدولية كان يحضرها المرحومان الحسن الثاني والأميرة للا عائشة، إلى جانب كبار المفكرين والساسة ورجال الدين من المغرب والخارج”.

وعلى غرار اللقاءات الدولية التي كان يحتضنها دير تومليلين، تستعد الرابطة المحمدية للعلماء لتنظيم النسخة الخامسة من اللقاءات الدولية لتومليلين من 31 ماي إلى 2 يونيو، تحت عنوان “الحفاظ على الذاكرة وتقلها لترسيخ مفهوم الآخر”؛ وذلك بتعاون مع مؤسسة ذاكرات من أجل المستقبل وشراكة مع المعهد الكاثوليكي في تولوز ومؤسسة مستقبل 21.

وبحسب بلاغ صادر في الموضوع، عن الرابطة المحمدية للعلماء، تم الحرص، عبر مركز التعارف التابع للرابطة ومؤسسة ذاكرات من أجل المستقبل، على عقد هذا الاجتماع جزئيا بموقع الدير القديم؛ وذلك بهدف إعطاء الذاكرة مكانتها كحافز لعملية الانفتاح على الآخر، والتأكيد على أهمية الحفاظ عليها.

Partagez ce contenu, choisissez votre plateforme !

Continuer la lecture !